يَلِي هَذَا، أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ، فَأَقْرَبُ الرِّجَالِ هُوَ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ، فَيَسْتَحِقُّ الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ، وَبِهَذَا الْمَعْنَى فَسَرَّ الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، مِنْهُمُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، نَقَلَهُ عَنْهُمَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَلَى هَذَا، فَإِذَا اجْتَمَعَ بِنْتٌ وَأُخْتٌ وَعَمٌّ وَابْنُ عَمٍّ أَوِ ابْنُ أَخٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بَعْدَ نِصْفِ الْبِنْتِ الْعَصَبَةُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يَتَمَسَّكُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَيُقِرُّ بِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، وَذَهَبَتِ الظَّاهِرِيَّةُ إِلَى قَوْلِهِ أَيْضًا. وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا كَانَ مَعَ الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ عَصَبَةٌ، فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ، فَالْأُخْتُ لَهَا الْبَاقِي، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: الْبِنْتُ عَصَبَةُ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ، وَرَدَّ بَعْضُهُمْ هَذَا، وَقَالَ: لَا يَصِحُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَسْرُوقٌ يَقُولَانِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْهُ. وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةٌ لَهَا مَا فَضُلَ، مِنْهُمْ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَعَائِشَةُ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَتَابَعَهُمْ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ ابْنَ طَاوُسٍ عَنِ ابْنَةٍ وَأُخْتٍ، فَقَالَ: كَانَ أَبِي يَذْكُرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَجُلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا شَيْئًا، وَكَانَ طَاوُسٌ لَا يَرْضَى بِذَلِكَ الرَّجُلِ، قَالَ: وَكَانَ أَبِي يَشُكُّ فِيهَا، وَلَا يَقُولُ فِيهَا شَيْئًا، وَقَدْ كَانَ يَسْأَلُ عَنْهَا. وَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مُرَادَ طَاوُسٍ هُوَ هَذَا الْحَدِيثُ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ نَصٌّ صَرِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِيرَاثِ الْأُخْتِ مع الْبِنْتِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَمَسَّكُ بِمِثْلِ عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَمَا ذَكَرَهُ طَاوُسٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ وَأَنَّهُ لَا يَرْضَاهُ، فَابْنُ عَبَّاسٍ أَكْثَرُ رِوَايَاتِهِ لِلْحَدِيثِ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015