خَطَرٍ مِنْ قَبُولِ التَّوْبَةِ. وَمَنْ زَادَ اهْتِمَامُهُ بِذُنُوبِهِ، فَرُبَّمَا تَعَلَّقَ بِأَذْيَالِ مَنْ قَلَّتْ ذَنُوبُهُ، فَالْتَمَسَ مِنْهُ الِاسْتِغْفَارَ. وَكَانَ عُمَرُ يَطْلُبُ مِنَ الصِّبْيَانِ الِاسْتِغْفَارَ، وَيَقُولُ إِنَّكُمْ لَمْ تُذْنِبُوا، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ لِغِلْمَانِ الْكُتَّابِ: قُولُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَيُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِمْ. قَالَ بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ: لَوْ كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ عَلَى الْأَبْوَابِ كَمَا يَطُوفُ الْمِسْكِينُ يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا لِي، لَكَانَ نَوْلُهُ أَنْ يَفْعَلَ. وَمَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَسَيِّئَاتُهُ حَتَّى فَاتَتِ الْعَدَدَ وَالْإِحْصَاءَ، فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِمَّا عَلِمَ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ وَأَحْصَاهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6] [الْمُجَادَلَةِ: 6] ، وَفِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» . وَفِي مِثْلِ هَذَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ إِنَّ الشَّقِيَّ لَمَنْ لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَا أَحْلَمَ اللَّهَ عَمَّنْ لَا يُرَاقِبُهُ كُلٌّ مُسِيءٌ وَلَكِنْ يَحْلُمُ اللَّهُ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِمَّا كَانَ مِنْ زَلَلٍ طُوبَى لِمَنْ كَفَّ عَمَّا يَكْرَهُ اللَّهُ طُوبَى لِمَنْ حَسُنَتْ مِنْهُ سَرِيرَتُهُ طُوبَى لِمَنْ يَنْتَهِي عَمَّا نَهَى اللَّهُ
السَّبَبُ الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ: التَّوْحِيدُ، وَهُوَ السَّبَبُ الْأَعْظَمُ، فَمَنْ فَقَدَهُ فَقَدَ الْمَغْفِرَةَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَدْ أَتَى بِأَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] [النِّسَاءِ: 48] فَمَنْ