أَذَاهُ، قَالَ الْحَسَنُ: اللَّهُمَّ قَدْ عَمِلْتَ أَذَاهُ لَنَا، فَاكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ، فَخَرَّ الرَّجُلُ مِنْ قَامَتِهِ، فَمَا حُمِلَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا مَيِّتًا عَلَى سَرِيرِهِ. وَكَانَ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَذَهَبَتْ بَغْلَتُهُ بِثِقَلِهَا، وَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَقَامَ يُصَلِّي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ بَغْلَتِي وَثِقَلَهَا، فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَكَانَ مَرَّةً فِي بَرِّيَّةٍ فَقَرَأَ فَجَاعَ، فَاسْتَطْعَمَ اللَّهَ، فَسَمِعَ وَجْبَةً خَلْفَهُ، فَإِذَا هُوَ بِثَوْبٍ أَوْ مَنْدِيلٍ فِيهِ دَوْخَلَةُ رُطُبٍ طَرِيٍّ، فَأَكَلَ مِنْهُ، وَبَقِيَ الثَّوْبُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةَ، وَكَانَتْ مِنَ الصَّالِحَاتِ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ رُفَقَائِهِ: أَشْتَهِي جُبْنًا رَطْبًا، فَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: اسْتَطْعِمُوا اللَّهَ يُطْعِمْكُمْ، فَإِنَّهُ الْقَادِرُ، فَدَعَا الْقَوْمُ، فَلَمْ يَسِيرُوا إِلَّا قَلِيلًا، حَتَّى رَأَوْا مِكْتَلًا مَخِيطًا، فَإِذَا هُوَ جُبْنٌ رَطْبٌ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ كَانَ عَسَلًا فَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: إِنَّ الَّذِي أَطْعَمَكُمْ جُبْنًا رَطْبًا هَاهُنَا قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطْعِمَكُمْ عَسَلًا، فَاسْتَطْعَمُوهُ، فَدَعَوْا، فَسَارُوا قَلِيلًا، فَوَجَدُوا ظَرْفَ عَسَلٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا. وَكَانَ حَبِيبٌ الْعَجَمِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْرُوفًا بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ؛ دَعَا لِغُلَامٍ أَقْرَعَ الرَّأْسِ، وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَمْسَحُ بِدُمُوعِهِ رَأْسَ الْغُلَامِ، فَمَا قَامَ حَتَّى اسْوَدَّ رَأْسُهُ، وَعَادَ كَأَحْسَنِ النَّاسِ شَعْرًا.