وَلْنَرْجِعْ إِلَى شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ أَشْرَفُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذِكْرِ الْأَوْلِيَاءِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» يَعْنِي: فَقَدْ أَعْلَمْتُهُ بِأَنِّي مُحَارِبٌ لَهُ، حَيْثُ كَانَ مُحَارِبًا لِي بِمُعَادَاةِ أَوْلِيَائِي، وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «فَقَدِ اسْتَحَلَّ مُحَارَبَتِي» وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَغَيْرِهِ: «فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ» ، وَخَرَّجَ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَإِنَّ مَنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا، فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ، الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِذَا حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا، وَلَمْ يُعْرَفُوا، [قُلُوبُهُمْ] مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ» . فَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ تَجِبُ مُوَالَاتُهُمْ، وَتَحْرُمُ مُعَادَاتُهُمْ، كَمَا أَنَّ أَعْدَاءَهُ تَجِبُ مُعَادَاتُهُمْ، وَتَحْرُمُ مُوَالَاتُهُمْ، قَالَ تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] [الْمُمْتَحِنَةِ: 1] ، وَقَالَ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ - وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55 - 56] [الْمَائِدَةِ: 55 - 56] ، وَوَصَفَ أَحِبَّاءَهُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ بِأَنَّهُمْ أَذِلَّةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أَعِزَّةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ " الزُّهْدِ " بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ