وَذَاكَ لَيْسَ فِيهِ عُمُومٌ، وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ وَارِدٌ فِي الذُّنُوبِ الْمَسْتُورَةِ فِي الدُّنْيَا، لَا فِي وَسَاوِسِ الصُّدُورِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُؤَاخَذُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مُطْلَقًا، وَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَمَلًا بِالْعُمُومَاتِ. وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِالْهَمِّ بِالْمَعْصِيَةِ إِلَّا بِأَنْ يَهُمَّ بِارْتِكَابِهَا فِي الْحَرَمِ، كَمَا رَوَى السُّدِّيُّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَهُمُّ بِخَطِيئَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا، فَتُكْتَبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ هَمَّ بِقَتْلِ إِنْسَانٍ عِنْدَ الْبَيْتِ، وَهُوَ بِعَدَنِ أَبْيَنَ، أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] [الْحَجِّ: 25] . خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ السُّدِّيُّ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ، فَرَفَعَهُ شُعْبَةُ وَوَقَفَهُ سُفْيَانُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ سُفْيَانَ فِي وَقْفِهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَهُمُّ بِالْخَطِيئَةِ بِمَكَّةَ، وَهُوَ بِأَرْضٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَعْمَلْهَا فَتُكْتَبُ