خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَنْ كَانَ مَسْتُورًا لَا يَعْرِفُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي، فَإِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ، أَوْ زَلَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَشْفُهَا، وَلَا هَتْكُهَا، وَلَا التَّحَدُّثُ بِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ غِيبَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ النُّصُوصُ، وَفِي ذَلِكَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19] [النُّورِ: 19] . وَالْمُرَادُ: إِشَاعَةُ الْفَاحِشَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُسْتَتِرِ فِيمَا وَقَعَ مِنْهُ، أَوِ اتُّهِمَ بِهِ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ، كَمَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ. قَالَ بَعْضُ الْوُزَرَاءِ الصَّالِحِينَ لِبَعْضِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ: اجْتَهِدْ أَنْ تَسْتُرَ الْعُصَاةَ، فَإِنَّ ظُهُورَ مَعَاصِيهِمْ عَيْبٌ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَأَوْلَى الْأُمُورِ سَتْرُ الْعُيُوبِ، وَمِثْلُ هَذَا لَوْ جَاءَ تَائِبًا نَادِمًا وَأَقَرَّ بِحَدٍّ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، لَمْ يُسْتَفْسَرْ، بَلْ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَرْجِعَ وَيَسْتُرَ نَفْسَهُ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ، وَكَمَا لَمْ يُسْتَفْسَرِ الَّذِي قَالَ: " أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ". وَمِثْلُ هَذَا لَوْ أُخِذَ بِجَرِيمَتِهِ، وَلَمْ يَبْلُغِ الْإِمَامَ، فَإِنَّهُ يُشْفَعُ لَهُ حَتَّى لَا يَبْلُغَ الْإِمَامَ. وَفِي مِثْلِهِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ» . خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015