[الْحُجُرَاتِ 13] ، «وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «الْكَرَمُ التَّقْوَى» ، وَالتَّقْوَى أَصْلُهَا فِي الْقَلْبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] [الْحَجِّ: 32] . وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْإِلَهِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: «لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا» .
وَإِذَا كَانَ أَصْلُ التَّقْوَى فِي الْقُلُوبِ، فَلَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَكُونُ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَهُ صُورَةٌ حَسَنَةٌ، أَوْ مَالٌ، أَوْ جَاهٌ، أَوْ رِيَاسَةٌ فِي الدُّنْيَا قَلْبُهُ خَرَابًا مِنَ التَّقْوَى، وَيَكُونُ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَلْبُهُ مَمْلُوءًا مِنَ التَّقْوَى، فَيَكُونُ أَكْرَمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ وُقُوعًا، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ: كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» .