وَمِنْ ذَلِكَ: كَذِبُ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَهُ فَيَكْذِبَهُ، بَلْ لَا يُحَدِّثُهُ إِلَّا صِدْقًا، وَفِي " مُسْنَدِ " الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ بِهِ كَاذِبٌ» .
وَمِنْ ذَلِكَ: احْتِقَارُ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ نَاشِئٌ عَنِ الْكِبْرِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «الْكِبْرُ سَفَهُ الْحَقِّ وَازْدِرَاءُ النَّاسِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَغَمْصُ النَّاسِ» وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ: «فَلَا يَرَاهُمْ شَيْئًا» وَغَمْصُ النَّاسِ: الطَّعْنُ عَلَيْهِمْ وَازْدِرَاؤُهُمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: 11] [الْحُجُرَاتِ: 11] ، فَالْمُتَكَبِّرُ يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ الْكَمَالِ، وَإِلَى غَيْرِهِ بِعَيْنِ النَّقْصِ، فَيَحْتَقِرُهُمْ وَيَزْدَرِيهِمْ، وَلَا يَرَاهُمْ أَهْلًا لِأَنْ يَقُومَ بِحُقُوقِهِمْ، وَلَا أَنْ يَقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمُ الْحَقَّ إِذَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّقْوَى هَاهُنَا يُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» : فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كَرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ بِالتَّقْوَى، فَرُبَّ مَنْ يَحْقِرُهُ النَّاسُ لِضَعْفِهِ، وَقِلَّةِ حَظِّهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ أَعْظَمُ قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّنْ لَهُ قَدْرٌ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّمَا النَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ بِحَسَبِ التَّقْوَى، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]