أَيْ أَنْ يُكَلِّمَهُ أَوْ يُصَافِحَهُ. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ بِدُونِ الْعَوْدَةِ إِلَى الْمَوَدَّةِ.

وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ، فَقَالَ فِي الْأَجَانِبِ: يَزُولُ الْهِجْرَةُ بَيْنَهُمْ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ، بِخِلَافِ الْأَقَارِبِ، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِوُجُوبِ صِلَةِ الرَّحِمِ.

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» قَدْ تَكَاثَرَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «لَا يَسُمِ الْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَتِهِ» . وَخَرَّجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ» . وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ.

وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَذَرَ» .

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا حَقٌّ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَلَا يُسَاوِيهِ الْكَافِرُ فِي ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ الْكَافِرِ، وَيَخْطُبَ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ، كَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَقُّ الشُّفْعَةِ عِنْدَهُ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015