إِذَا اتُّهِمَ، فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ، وَكَذَا حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ، أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ، وَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ: يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَانَ يَعْقِلُ، وَفِي طَلَاقِ النَّاسِي: يَحْلِفُ عَلَى نِسْيَانِهِ، وَكَذَا قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ الثَّلَاثَ، وَتُرَدُّ إِلَيْهِ.
وَخَرَّجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «كَانَ أُنَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ يَأْتُونَ بِلَحْمٍ، فَكَانَ فِي أَنْفُسِنَا مِنْهُ شَيْءٌ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اجْهَدُوا أَيْمَانَهُمْ إِنَّهُمْ ذَبَحُوهَا، ثُمَّ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا» وَأَبُو هَارُونَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
وَأَمَّا الْمُؤْتَمَنُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ حَيْثُ قُبِلَ قَوْلُهُ، فَهَلْ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَمْ لَا؟ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ بِائْتِمَانِهِ، وَلَا يَمِينَ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَاكِمِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ.
وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْيَمِينُ، لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا.
وَالثَّالِثُ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ ائْتِمَانِهِ.
وَأَمَّا إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تُنَافِي حَالَ الِائْتِمَانِ، فَقَدِ اخْتَلَّ مَعْنَى الِائْتِمَانُ.