مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، أَوْ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا» خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا.
وَخَرَّجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا قَالَ: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» . وَخَرَّجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مَوْقُوفًا، وَخَرَّجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عُبَادَةَ، أَرَاهُ رَفَعَهُ، قَالَ: «يُؤْتَى بِالدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ مَيِّزُوا مِنْهَا مَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَلْقُوا سَائِرَهَا فِي النَّارِ» .
فَالدُّنْيَا وَكُلُّ مَا فِيهَا مَلْعُونَةٌ، أَيْ مَبْعَدَةٌ عَنِ اللَّهِ، لِأَنَّهَا تَشْغَلُ عَنْهُ، إِلَّا الْعِلْمَ النَّافِعَ الدَّالَّ عَلَى اللَّهِ، وَعَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَطَلَبِ قُرْبِهِ وَرِضَاهُ، وَذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ مِمَّا يُقَرِّبُ مِنَ اللَّهِ، فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ عِبَادَهُ بِأَنْ يَتَّقُوهُ وَيُطِيعُوهُ، وَلَازِمُ ذَلِكَ دَوَامُ ذِكْرِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، تَقْوَى اللَّهِ حَقَّ تَقْوَاهُ أَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى. وَإِنَّمَا شَرَعَ اللَّهُ إِقَامَ الصَّلَاةِ لِذِكْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ وَالطَّوَافُ. وَأَفْضَلُ أَهْلِ الْعِبَادَاتِ أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لِلَّهِ فِيهَا، فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ مِنَ الدُّنْيَا الْمَذْمُومَةِ