وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ. وَفِي شَرْحِ حَدِيثِ: «قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ» . وَخَرَّجَ الْبَزَّارُ فِي " مُسْنَدِهِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيَسَرِ أَنَّ «رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: أَمْسِكْ هَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» وَقَالَ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَالْمُرَادُ بِحَصَائِدِ الْأَلْسِنَةِ: جَزَاءُ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ وَعُقُوبَاتُهُ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَزْرَعُ بِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ يَحْصُدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا زَرَعَ، فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، حَصَدَ الْكَرَامَةَ، وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، حَصَدَ غَدًا النَّدَامَةَ.
وَظَاهِرُ حَدِيثِ مُعَاذٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ بِهِ النَّاسُ النَّارَ النُّطْقُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النُّطْقِ يَدْخُلُ فِيهَا الشِّرْكُ وَهِيَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَهُوَ قَرِينُ الشِّرْكِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا شَهَادَةُ الزُّورِ الَّتِي عَدَلَتِ الْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَدْخُلُ فِيهَا السِّحْرُ وَالْقَذْفُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ؛ كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، وَسَائِرِ الْمَعَاصِي الْفِعْلِيَّةِ لَا يَخْلُو غَالِبًا مِنْ قَوْلٍ يَقْتَرِنُ بِهَا يَكُونُ مُعِينًا عَلَيْهَا.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ الْأَجْوَفَانِ: الْفَمُ وَالْفَرْجُ» خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ