وَأَمَّا قِوَامُ الدِّينِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الدِّينُ كَمَا يَقُومُ الْفُسْطَاطُ عَلَى عَمُودِهِ، فَهِيَ الصَّلَاةُ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِي أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ.
وَأَمَّا ذُرْوَةُ سَنَامِهِ - وَهُوَ أَعْلَى مَا فِيهِ وَأَرْفَعُهُ - فَهُوَ الْجِهَادُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا شَحَبَ وَجْهٌ وَلَا اغْبَرَّتْ قَدَمٌ فِي عَمَلٍ يُبْتَغَى بِهِ دَرَجَاتُ الْجَنَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ كَجِهَادٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحًا.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " «عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ» .
وَفِيهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِيمَانٌ بِاللَّهِ، ثُمَّ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَقَوْلُهُ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ فَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَفَّ اللِّسَانِ وَضَبْطَهُ وَحَبْسَهُ هُوَ أَصْلُ الْخَيْرِ كُلِّهِ، وَأَنَّ مَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ، فَقَدْ مَلَكَ أَمْرَهُ وَأَحْكَمَهُ وَضَبَطَهُ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي شَرْحِ حَدِيثِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ