رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ» . وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّدَقَةِ، مِنْهَا مَا نَفْعُهُ مُتَعَدٍّ كَالْإِصْلَاحِ، وَإِعَانَةِ الرَّجُلِ عَلَى دَابَّتِهِ يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا، وَالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا السَّلَامُ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِزَالَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَدَفْنُ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِعَانَةُ ذِي الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفِ، وَإِسْمَاعُ الْأَصَمِّ وَالْبَصَرِ لِلْمَنْقُوصِ بَصَرُهُ، وَهِدَايَةُ الْأَعْمَى، أَوْ غَيْرِهِ الطَّرِيقَ. وَجَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «وَبَيَانُكَ عَنِ الْأَرْتَمِ صَدَقَةٌ» يَعْنِي: مَنْ لَا يُطِيقُ الْكَلَامَ، إِمَّا لِآفَةٍ فِي لِسَانِهِ، أَوْ لِعُجْمَةٍ فِي لُغَتِهِ، فَيُبَيِّنُ عَنْهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ. وَمِنْهُ مَا هُوَ قَاصِرُ النَّفْعِ: كَالتَّسْبِيحِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَالْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَصَلَاةِ رَكْعَتِيِ الضُّحَى، وَإِنَّمَا كَانَتَا مُجْزِئَتَيْنِ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ اسْتِعْمَالًا لِلْأَعْضَاءِ كُلِّهَا فِي الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، فَتَكُونُ كَافِيَةً فِي شُكْرِ نِعْمَةِ سَلَامَةِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ. وَبَقِيَّةُ هَذِهِ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ أَكْثَرُهَا اسْتِعْمَالٌ لِبَعْضِ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ خَاصَّةً، فَلَا تَكْمُلُ الصَّدَقَةُ بِهَا حَتَّى يَأْتِيَ مِنْهَا بِعَدَدِ سُلَامَى الْبَدَنِ، وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.