فِي طَاعَتِهِ، وَنِعْمَةٌ أُخْرَى فِي الرِّزْقِ، حَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّزْقِ فِي طَاعَتِهِ، فَمَنْ عَمِلَ بِهَذَا، كَانَ قَدْ أَخَذَ بِحَزْمِ الشُّكْرِ وَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. وَرَأَى الْحَسَنُ رَجُلًا يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ، فَقَالَ: لِلَّهِ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ نِعْمَةٌ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنَا مِمَّنْ يَتَقَوَّى بِنِعَمِكَ عَلَى مَعْصِيَتِكَ. الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الشُّكْرِ: الشُّكْرُ الْمُسْتَحَبُّ، وَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ بِنَوَافِلِ الطَّاعَاتِ، وَهَذِهِ دَرَجَةُ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ، وَهِيَ الَّتِي أَرْشَدَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا، وَكَذَلِكَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُومُ حَتَّى تَنْفَطِرَ قَدَمَاهُ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَيَقُولُ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» . وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} [سبأ: 13] [سَبَأٍ: 13] ، لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِمْ سَاعَةٌ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا وَفِيهِمْ مُصَلٍّ يُصَلِّي. وَهَذَا مَعَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبٌ: إِمَّا عَلَى الْأَعْيَانِ، كَالْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى وُجُوبَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِمَّا عَلَى الْكِفَايَةِ، كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، وَالْعَدْلِ بَيْنَ النَّاسِ، إِمَّا فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، أَوْ فِي الْإِصْلَاحِ. وَقَدْ