فَهَذَا مِيرَاثٌ وَرِثَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ حَالِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَنَارُ الْمَحَبَّةِ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ تَخَافُ مِنْهَا نَارُ جَهَنَّمَ. قَالَ الْجُنَيْدُ: قَالَتِ النَّارُ: يَا رَبِّ، لَوْ لَمْ أُطِعْكَ، هَلْ كُنْتَ تُعَذِّبُنِي بِشَيْءٍ هُوَ أَشَدُّ مِنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أُسَلِّطُ عَلَيْكِ نَارِي الْكُبْرَى، قَالَتْ: وَهَلْ نَارٌ أَعْظَمُ مِنِّي وَأَشَدُّ؟ قَالَ: نَعَمْ نَارُ مَحَبَّتِي أَسْكَنْتُهَا قُلُوبَ أَوْلِيَائِي الْمُؤْمِنِينَ وَفِي هَذَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ:

فَفِي فُؤَادِ الْمُحِبِّ نَارُ هَوًى ... أَحَرُّ نَارِ الْجَحِيمِ أَبْرَدُهَا

وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ، فَإِنَّ الْمُحْتَضَرَ لَا يَكَادُ يَقُولُهَا إِلَّا بِإِخْلَاصٍ، وَتَوْبَةٍ، وَنَدَمٍ عَلَى مَا مَضَى، وَعَزْمٍ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ، وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ الْخَطَّابِيُّ فِي مُصَنَّفٍ لَهُ مُفْرَدٍ فِي التَّوْحِيدِ، وَهُوَ حَسَنٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015