فَتَبَيَّنَ بِهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» "، وَأَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، فَلِقِلَّةِ صِدْقِهِ فِي قَوْلِهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِذَا صَدَقَتْ طَهَّرَتْ مِنَ الْقَلْبِ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ، فَمَنْ صَدَقَ فِي قَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَمْ يُحِبَّ سِوَاهُ، وَلَمْ يَرْجُ إِلَّا إِيَّاهُ، وَلَمْ يَخْشَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ، وَلَمْ يَتَوَكَّلْ إِلَّا عَلَى اللَّهِ، وَلَمْ تَبْقَ لَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ إِيثَارِ نَفْسِهِ وَهَوَاهُ، وَمَتَى بَقِيَ فِي الْقَلْبِ أَثَرٌ لِسِوَى اللَّهِ، فَمِنْ قِلَّةِ الصِّدْقِ فِي قَوْلِهَا.
نَارُ جَهَنَّمَ تَنْطَفِئُ بِنُورِ إِيمَانِ الْمُوَحِّدِينَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ " «تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ: جُزْ يَا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي» ".
وَفِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا، فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ ضَجِيجًا مِنْ بَرْدِهِمْ» .