وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْإِلْمَامُ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْكَبَائِرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَتُوبُ مِنْهُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِالشَّكِّ فِي رَفْعِهِ، قَالَ: اللَّمَّةُ مِنَ الزِّنَا ثُمَّ يَتُوبُ فَلَا يَعُودُ، وَاللَّمَّةُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ثُمَّ يَتُوبُ فَلَا يَعُودُ، وَاللَّمَّةُ مِنَ السَّرِقَةِ ثُمَّ يَتُوبُ فَلَا يَعُودُ. وَمَنْ فَسَّرَ الْآيَةَ بِهَذَا قَالَ: لَابُدَّ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ فَسَّرَهُ بِالْمُقَدِّمَاتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ تَوْبَةً. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ صَحِيحَانِ، وَأَنَّ كِلَيْهِمَا مُرَادٌ مِنَ الْآيَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُحْسِنُ: هُوَ مَنْ لَا يَأْتِي بِكَبِيرَةٍ إِلَّا نَادِرًا ثُمَّ يَتُوبُ مِنْهَا، وَمَنْ إِذَا أَتَى بِصَغِيرَةٍ كَانَتْ مَغْمُورَةً فِي حَسَنَاتِهِ الْمُكَفِّرَةِ لَهَا، وَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ مُصِرًّا عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] [آلِ عِمْرَانَ: 135] وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ.