الْمُؤْمِنِ أَيْضًا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرًا، فَيَمْحُو عَنْهُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، فَمَنْ زَادَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ تَسْقُطُ الْحَسَنَاتُ الْمُقَابِلَةُ لِلسَّيِّئَاتِ، وَيَنْظُرُ إِلَى مَا يَفْضُلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ، وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ مَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ بِحَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ أُثِيبَ بِتِلْكَ الْحَسَنَةِ خَاصَّةً، وَسَقَطَ بَاقِي حَسَنَاتِهِ فِي مُقَابَلَةِ سَيِّئَاتِهِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُثَابُ بِالْجَمِيعِ، وَتَسْقُطُ سَيِّئَاتُهُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَهَذَا فِي الْكَبَائِرِ، أَمَّا الصَّغَائِرُ، فَإِنَّهُ قَدْ تُمْحَى بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَعَ بَقَاءِ ثَوَابِهَا، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ» فَأَثْبَتَ لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ تَكْفِيرَ الْخَطَايَا وَرَفْعَ الدَّرَجَاتِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِائَةَ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ» فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ يَمْحُو السَّيِّئَاتِ، وَيَبْقَى ثَوَابُهُ لِعَامِلِهِ مُضَاعَفًا. وَكَذَلِكَ سَيِّئَاتُ التَّائِبِ تَوْبَةً نَصُوحًا تُكَفَّرُ عَنْهُ، وَتَبْقَى لَهُ حَسَنَاتُهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: