رَغِيفٍ، فَأَعْطَوْهُ رَغِيفًا، فَفَقَدَهُ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ يُعْطَاهُ، فَلَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ، أَعْطَاهُ الرَّغِيفَ وَأَصْبَحَ مَيِّتًا، فَوُزِنَتِ السَّبْعُونَ سَنَةً بِالسَّبْعِ لَيَالٍ، فَرَجَحَتِ اللَّيَالِي وَوُزِنَ الرَّغِيفُ بِالسَّبْعِ لَيَالٍ، فَرَجَحَ الرَّغِيفُ. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ " الْبِرِّ وَالصِّلَةِ " عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: عَبَدَ اللَّهَ رَجُلٌ سَبْعِينَ سَنَةً ثُمَّ أَصَابَ فَاحِشَةً، فَأَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ، ثُمَّ أَصَابَتْهُ زَمَانَةٌ وَأُقْعِدَ، فَرَأَى رَجُلًا يَتَصَدَّقُ عَلَى مَسَاكِينَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ مِنْهُ رَغِيفًا، فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ عَمَلَ سَبْعِينَ سَنَةً. وَهَذِهِ كُلُّهَا لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى تَكْفِيرِ الْكَبَائِرِ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذُكِرَ فِيهَا كَانَ نَادِمًا تَائِبًا مِنْ ذَنْبِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ سُؤَالُهُ عَنْ عَمَلٍ صَالِحٍ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ حَتَّى يَمْحُوَ بِهِ أَثَرَ الذَّنْبِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَطَ فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ بِهَا الْعَمَلَ الصَّالِحَ، كَقَوْلِهِ: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم: 60] [مَرْيَمَ: 60] ، وَقَوْلِهِ: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [طه: 82] [طَهَ: 82] وَقَوْلِهِ: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص: 67] [الْقَصَصِ: 67] ، وَفِي هَذَا مُتَعَلَّقٌ لِمَنْ يَقُولُ: إِنَّ التَّائِبَ بَعْدَ التَّوْبَةِ فِي الْمَشِيئَةِ، وَكَانَ هَذَا حَالَ كَثِيرٍ مِنَ الْخَائِفِينَ مِنَ السَّلَفِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِرَجُلٍ: هَلْ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَعَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ كَتَبَهُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاعْمَلْ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ مَحَاهُ. وَمِنْهُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ طَارَ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا. خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015