رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ قَالَ الرَّجُلُ: فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ» وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي " الْمُوَطَّأِ " عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ مُرْسَلًا. وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَاذَا يُبَاعِدُنِي مِنْ غَضَبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: لَا تَغْضَبْ» . وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ: فَفَكَّرْتُ فِيمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْغَضَبَ جِمَاعُ الشَّرِّ، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ. وَقِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: اجْمَعْ لَنَا حُسْنَ الْخُلُقِ فِي كَلِمَةٍ، قَالَ: تَرْكُ الْغَضَبِ. وَكَذَا فَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ حُسْنَ الْخُلُقِ بِتَرْكِ الْغَضَبِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا، خَرَّجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ " الصَّلَاةِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: " حُسْنُ الْخُلُقِ " ثُمَّ أَتَاهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ: " حُسْنُ الْخُلُقِ "، ثُمَّ أَتَاهُ عَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: حُسْنُ الْخُلُقِ ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ بَعْدِهِ، يَعْنِي: مِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَالَكَ لَا تَفْقَهُ! حُسْنُ الْخُلُقِ هُوَ أَنْ لَا تَغْضَبَ إِنِ اسْتَطَعْتَ» . وَهَذَا مُرْسَلٌ. فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنِ اسْتَوْصَاهُ: لَا تَغْضَبْ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ: