الْخَيْرِ، لِيَحْفَظَهَا عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَهَا لِكَثْرَتِهَا، فَوَصَّاهُ النَّبِيُّ أَنْ لَا يَغْضَبُ، ثُمَّ رَدَّدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ مِرَارًا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ هَذَا الْجَوَابَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَضَبَ جِمَاعُ الشَّرِّ، وَأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ جِمَاعُ الْخَيْرِ. وَلَعَلَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقَدْ خَرَّجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: لَا تَغْضَبْ وَلَكَ الْجَنَّةُ» . وَقَدْ رَوَى الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَمِّهِ جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي قَوْلًا، وَأَقْلِلْ عَلَيَّ لَعَلِّي أَعْقِلُهُ، " قَالَ لَا تَغْضَبْ " فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: " لَا تَغْضَبْ» خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّ جَارِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ. فَهَذَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ السَّائِلَ هُوَ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، وَلَكِنَّ ذِكْرَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ أَنَّهُ قَالَ: هَكَذَا قَالَ هِشَامٌ، يَعْنِي: أَنَّ هِشَامًا ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ جَارِيَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَحْيَى: وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَا قَالَ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ تَابِعِيٌّ وَلَيْسَ بِصَحَابِيٍّ. وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ