وَفِي " الْمُسْنَدِ " وَ " صَحِيحِ الْحَاكِمِ " عَنِ [ابْنِ] عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» .
وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ أَنَّهُ يَمْنَعُ الْجَارَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي خَاصِّ مِلْكِهِ بِمَا يَضُرُّ بِجَارِهِ، فَيَجِبُ عِنْدَهُمَا كَفُّ الْأَذَى عَنِ الْجَارِ بِمَنْعِ إِحْدَاثِ الِانْتِفَاعِ الْمُضِرِّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُنْتَفِعُ إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِخَاصِّ مِلْكِهِ، وَيَجِبُ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنْ يَبْذُلَ لِجَارِهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي بَذْلِهِ، وَأَعْلَى مِنْ هَذَيْنِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى أَذَى جَارِهِ، وَلَا يُقَابِلَهُ بِالْأَذَى قَالَ الْحَسَنُ: لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى، وَلَكِنَّ حُسْنَ الْجِوَارِ احْتِمَالُ الْأَذَى، وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ يَرْفَعُهُ: " «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرَّجُلَ يَكُونُ لَهُ الْجَارُ يُؤْذِيهِ جِوَارُهُ، فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ ظَعْنٌ» " خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ أَنَّ «رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو إِلَيْهِ جَارَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُفَّ أَذَاكَ عَنْهُ، وَاصْبِرْ لِأَذَاهُ، فَكَفَى بِالْمَوْتِ مُفَرِّقًا» " خَرَّجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.