وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ» .

وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَارَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُمَكِّنَ جَارَهُ مِنْ وَضْعِ خَشَبِهِ عَلَى جِدَارِهِ إِذَا احْتَاجَ الْجَارُ إِلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَضُرَّ بِجِدَارِهِ، لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَاسِيَهُ مِنْ فَضْلِ مَا عِنْدَهُ بِمَا لَا يَضُرُّ بِهِ إِذَا عَلِمَ حَاجَتَهُ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنِّي أَسْمَعُ السَّائِلَ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُ: إِنِّي جَائِعٌ، فَقَالَ: قَدْ يَصْدُقُ وَقَدْ يَكْذِبُ. قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ لِي جَارٌ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَجُوعُ؟ قَالَ: تُوَاسِيهِ، قُلْتُ: إِذَا كَانَ قُوَّتِي رَغِيفَيْنِ؟ قَالَ: تُطْعِمُهُ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ الْجَارُ.

وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْأَغْنِيَاءُ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْمُوَاسَاةُ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ قَوْمٌ يَضَعُونَ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ كَيْفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، قُلْتُ: إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ قَمِيصَانِ، أَوْ قُلْتُ: جُبَّتَانِ، يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُوَاسَاةُ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ فَضْلًا.

وَهَذَا نَصٌّ مِنْهُ فِي وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ مِنَ الْفَاضِلِ، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِالْجَارِ، وَنَصُّهُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِالْجَارِ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ فِي السُّؤَالِ يَكْذِبُونَ أَحَبُّ إِلَيْنَا لَوْ صَدَقُوا مَا وَسِعَنَا إِلَّا مُوَاسَاتَهُمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ مُوَاسَاةِ الْجَائِعِ مِنَ الْجِيرَانِ، وَغَيْرِهِمْ.

وَفِي " الصَّحِيحِ "، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015