فَأَبَوْا أَنَّ يُزَوِّجُوهُ، وَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ صَدَّقُوهُ، وَنَزَلَ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الرَّجُلُ قَدْ زَنَا، وَنَسَبَ إِبَاحَةَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا كُفْرٌ وَرِدَّةٌ عَنِ الدِّينِ.
وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَلِيًّا بِقَتْلِ الْقِبْطِيِّ الَّذِي كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ مَارِيَةَ، وَكَانَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ، فَلَمَّا وَجَدَهُ عَلِيٌّ مَجْبُوبًا تَرَكَهُ» وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْقِبْطِيَّ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ بَعْدُ، وَأَنَّ الْمُعَاهَدَ إِذَا فَعَلَ مَا يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ، انْتَقَضَ عَهْدُهُ، فَكَيْفَ إِذَا آذَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ كَانَ مُسْلِمًا، وَلَكِنَّهُ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْتَهِ، حَتَّى تَكَلَّمَ النَّاسُ بِسَبَبِهِ فِي فِرَاشِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَذَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِرَاشِهِ مُبِيحٌ لِلدَّمِ، لَكِنْ لَمَّا ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ بِالْعِيَانِ، تَبَيَّنَ لِلنَّاسِ بَرَاءَةُ مَارِيَةَ، فَزَالَ السَّبَبُ الْمُبِيحُ لِلْقَتْلِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يُعَزِّرَ بِالْقَتْلِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومٌ مِنَ التَّعَدِّي وَالْحَيْفِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ التَّعَدِّي بِالْهَوَى قَالَ أَبُو دَاوُدَ. سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ، عَنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ