الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ،» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " وَقِيلَ لَهُ: ائْتَنِفِ الْعَمَلَ ".
وَالْمُرَادُ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ الَّتِي كَانَ أَزْلَفَهَا: مَا سَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ بِحَسَنَاتِهِ فِي الْكُفْرِ إِذَا أَسْلَمَ وَتُمْحَى عَنْهُ سَيِّئَاتُهُ إِذَا أَسْلَمَ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُحْسِنَ إِسْلَامَهُ، وَيَتَّقِيَ تِلْكَ السَّيِّئَاتِ فِي حَالِ إِسْلَامِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: أَمَّا مَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا، وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ» .
وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " «عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَسْلَمَ: أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ: " تَشْتَرِطُ مَاذَا " قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: " أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» " وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: " أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ " وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْلَامِ الْكَامِلِ الْحَسَنِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَيْضًا «عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ، أَفِيهَا أَجْرٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: