عَنْهُ فِيمَنْ أَجَّرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ: إِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي رِبْحِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إِذَا خَالَفَ فِيهِ الْمَضَارِبُ: إِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِيمَا إِذَا اشْتَرَى ثَمَرَةً قَبْلَ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى بَدَا صَلَاحُهَا: إِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ، وَحَمَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ بِالشُّبُهَاتِ مُسْتَحَبٌّ.
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ، فَقَالَتْ: إِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ قَلَائِلُ فَمَا رَابَكَ، فَدَعْهُ يَعْنِي مَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ: هَلْ هُوَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ، فَاتْرُكْهُ، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَصِدْ هُوَ.
وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ أَفْضَلُ، لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ الشُّبْهَةِ، وَلَكِنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَإِنَّ مِنْ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ مَا ثَبَتَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةٌ لَيْسَ لَهَا مُعَارِضٌ، فَاتِّبَاعُ تِلْكَ الرُّخْصَةِ أَوْلَى مِنِ اجْتِنَابِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الرُّخْصَةُ بَلَغَتْ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ، فَامْتَنَعَ مِنْهَا لِذَلِكَ، وَهَذَا كَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ شَكُّهُ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا لِصِحَّةِ النَّهْيِ