وَكَانَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ إِذَا طَلَبَ الْمَتَاعَ وَنَفَقَ، وَأَرْسَلَ يَشْتَرِيهِ يَقُولُ لِمَنْ يَشْتَرِي لَهُ: أَعْلِمْ مَنْ تَشْتَرِي مِنْهُ أَنَّ الْمَتَاعَ قَدْ طُلِبَ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: تَرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فِيمَا لَا تَرَوْنَ بِهِ الْيَوْمَ بَأْسًا.
وَكَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ قَدْ بَعَثَ طَعَامًا إِلَى الْبَصْرَةِ مَعَ رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ يَوْمَ يَدْخُلُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ، فَأَتَاهُ كِتَابُهُ: إِنِّي قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، فَوَجَدْتُ الطَّعَامَ مُبَغَّضًا فَحَبَسْتُهُ، فَزَادَ الطَّعَامُ، فَازْدَدْتُ فِيهِ كَذَا وَكَذَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: إِنَّكَ قَدْ خُنْتَنَا، وَعَمِلْتَ بِخِلَافِ مَا أَمَرْنَاكَ بِهِ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي، فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ ثَمَنِ الطَّعَامِ عَلَى فُقَرَاءِ الْبَصْرَةِ، فَلَيْتَنِي أَسْلَمُ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ.
وَتَنَزَّهَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَمْسِائَةِ أَلْفٍ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَكَانَ أَبُوهُ يَلِي الْأَعْمَالَ لِلسَّلَاطِينِ، وَكَانَ يَزِيدُ يَعْمَلُ الْخُوصَ، وَيَتَقَوَّتُ مِنْهُ إِلَى أَنْ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَكَانَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ قَدِ احْتَكَرَ طَعَامًا كَثِيرًا، فَرَأَى سَحَابًا فِي الْخَرِيفِ فَكَرِهَهُ، فَقَالَ: أَلَا أُرَانِي قَدْ كَرِهْتُ مَا يَنْفَعُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَآلَى أَنْ لَا يَرْبَحَ فِيهِ شَيْئًا، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا.
وَفِي هَذَا أَنَّ الْمُحْتَكِرَ يَنْبَغِي لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْ رِبْحِ مَا احْتَكَرَهُ احْتِكَارًا مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى التَّنَزُّهِ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ لِدُخُولِهِ فِي رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ