وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَمَى هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمَنَعَ عِبَادَهُ مِنْ قُرْبَانِهَا وَسَمَّاهَا حُدُودَهُ، فَقَالَ: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] (الْبَقَرَةِ: 187) ، وَهَذَا فِيهِ بَيَانٌ أَنَّهُ حَدَّ لَهُمْ مَا أَحَلَّ لَهُمْ وَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَقْرَبُوا الْحَرَامَ، وَلَا يَعْتَدُوا الْحَلَالَ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] (الْبَقَرَةِ: 229) ، وَجَعَلَ مَنْ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى وَقَرِيبًا مِنْهُ جَدِيرًا بِأَنْ يَدْخُلَ الْحِمَى وَيَرْتَعَ فِيهِ، فَلِذَلِكَ مَنْ تَعَدَّى الْحَلَالَ، وَوَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَارَبَ الْحَرَامَ غَايَةَ الْمُقَارَبَةِ، فَمَا أَخْلَقَهُ بِأَنْ يُخَالِطَ الْحَرَامَ الْمَحْضَ، وَيَقَعَ فِيهِ، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي التَّبَاعُدُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَنْ يَجْعَلَ الْإِنْسَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَاجِزًا. وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ»