إِلَيْهِ مِنْ مَجْلِسِ عَطَاءٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَاسْتِنْكَارُ ابْنِ سِيرِينَ لِرِوَايَةِ الثَّلَاثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ قَائِلًا مُعْتَبَرًا يَقُولُ: إِنَّ الطَّلَاقَ الْمُحَرَّمَ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا وَجْهَ لَهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، وَسُئِلَ عَمَّنْ قَالَ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُحَرَّمُ، لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مَا أَمَرَ بِهِ، فَقَالَ: هَذَا قَوْلُ سُوءٍ رَدِيءٌ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَّهُ احْتَسَبَ بِطَلَاقِهِ فِي الْحَيْضِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْوُقُوعُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ حِجَازِهِمْ وَتِهَامِهِمْ، وَيَمَنِهِمْ وَشَامِهِمْ، وَعِرَاقِهِمْ وَمِصْرِهِمْ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ ذَلِكَ عَنْ كُلِّ مَنْ يُحْفَظُ قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ. وَأَمَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مُسْتَنِدًا إِلَى مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيِّ الْأَنْدَلُسِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، «عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: لَا يُعْتَدُّ بِهَا» ، وَبِإِسْنَادِهِ، عَنْ خِلَاسٍ نَحْوَهُ، فَإِنَّ هَذَا الْأَثَرَ قَدْ سَقَطَتْ مِنْ آخِرِهِ لَفْظَةٌ وَهِيَ قَالَ: لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ، كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَيْضًا، وَقَالَ: هُوَ غَرِيبٌ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَمُرَادُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْحَيْضَةَ الَّتِي طَلَّقَ فِيهَا لَا تَعْتَدُّ بِهَا الْمَرْأَةُ قُرْءًا، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ خِلَاسٍ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ،