وَيُشْبِهُ هَذَا الْحَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ أَمْ لَا؟ . وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ الذَّبْحُ بِآلَةٍ مُحَرَّمَةٍ، أَوْ ذَبْحُ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الذَّبْحُ، كَالسَّارِقِ، فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: إِنَّهُ تُبَاحُ الذَّبِيحَةُ بِذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ مُحَرَّمَةٌ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي ذَبْحِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ، لَكِنَّ الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ فِيهِ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِعَيْنِهِ. وَلِهَذَا فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ مِنَ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِالْعِبَادَةِ فَيُبْطِلُهَا، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ مُخْتَصًّا بِهَا فَلَا يُبْطِلُهَا، فَالصَّلَاةُ بِالنَّجَاسَةِ، أَوْ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ سِتَارَةٍ، أَوْ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يُبْطِلُهَا لِاخْتِصَاصِ النَّهْيِ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي الْغَصْبِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ الصِّيَامَ لَا يُبْطِلُهُ إِلَّا ارْتِكَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، وَهُوَ جِنْسُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ، بِخِلَافِ مَا نُهِيَ عَنْهُ الصَّائِمُ، لَا بِخُصُوصِ الصِّيَامِ، كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَكَذَلِكَ الْحَجُّ مَا يُبْطِلُهُ إِلَّا مَا نُهِيَ عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ، وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَلَا يُبْطِلُهُ مَا لَا يَخْتَصُّ بِالْإِحْرَامِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، كَالْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ. وَكَذَلِكَ الِاعْتِكَافُ: إِنَّمَا يُبْطَلُ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَإِنَّمَا يُبْطَلُ بِالسُّكْرِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، لِنَهْيِ السَّكْرَانِ عَنْ قُرْبَانِ الْمَسْجِدِ