قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا نُكِّسَ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ، كَانَ مُخَلَّقًا، انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، وَعَتَقَتْ بِهِ الْأَمَةُ، إِذَا كَانَ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَكَذَا نَقَلَ عَنْهُ حَنْبَلٌ: إِذَا أَسْقَطَتْ أَمُّ الْوَلَدِ، فَإِنْ كَانَ خِلْقَةً تَامَّةً عَتَقَتْ، وَانْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ إِذَا دَخَلَ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، وَهَذَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ الْجَمَاعَةِ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: إِذَا تَبَيَّنَ خَلْقُهُ، لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَنَّهَا تُعْتَقُ بِذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَمَةً، وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا جَمَاعَةٌ فِي الْعَلَقَةِ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَلَدٌ أَنَّ الْأَمَةَ تُعْتَقُ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَحَكَى قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ طَرَدَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ أَيْضًا. وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ التَّخْلِيقُ فِي الْعَلَقَةِ كَمَا قَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ الْمُتَقَدِّمِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: حَدِيثُ حُذَيْفَةَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَخَلَّقُ إِذَا صَارَ لَحْمًا وَعَظْمًا، وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَقَعُ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ، لَا فِي حَالِ كَوْنِهِ عَلَقَةً، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَا ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَلَقَةَ تَتَخَلَّقُ وَتَتَخَطَّطُ، وَكَذَلِكَ الْقَوَابِلُ مِنَ النِّسْوَةِ يَشْهَدْنَ بِذَلِكَ، وَحَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ يَشْهَدُ بِالتَّصْوِيرِ فِي حَالِ كَوْنِ الْجَنِينِ نُطْفَةً أَيْضًا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَبَقِيَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ بَعْدَ مَصِيرِهِ مُضْغَةً أَنَّهُ يَبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ، فَيَكْتُبُ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعَ، وَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا. وَاخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي تَرْتِيبِ الْكِتَابَةِ وَالنَّفْخِ، فَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي " صَحِيحِهِ " «وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَصْرِيحٌ بِتَأْخِيرِ نَفْخِ الرُّوحِ عَنِ الْكِتَابَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ خَرَّجَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ " الْقَدَرِ " «ثُمَّ يُبْعَثُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ،» وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُصَرِّحُ بِتَقَدُّمِ النَّفْخِ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ