أُخِذَ ذَلِكَ التُّرَابُ، خَرَّجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ " وَلَكِنَّ السُّدِّيَّ مُخْتَلِفٌ فِي أَمْرِهِ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُنْكِرُ عَلَيْهِ جَمْعَهُ الْأَسَانِيدَ الْمُتَعَدِّدَةَ لِلتَّفْسِيرِ الْوَاحِدِ، كَمَا كَانَ هُوَ وَغَيْرُهُ يُنْكِرُونَ عَلَى الْوَاقِدِيِّ جَمْعَهُ الْأَسَانِيدَ الْمُتَعَدِّدَةَ لِلْحَدِيثِ الْوَاحِدِ. وَقَدْ أَخَذَ طَوَائِفُ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَرْفُوعَ عَلَيْهَا، وَقَالُوا: أَقَلُّ مَا يَتَبَيَّنُ خَلْقُ الْوَلَدِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُضْغَةً إِلَّا فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ، وَلَا يَتَخَلَّقُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُضْغَةً. وَقَالَ أَصْحَابُنَا وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ: إِنَّهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ، وَلَا تُعْتَقُ أَمُّ الْوَلَدِ إِلَّا بِالْمُضْغَةِ الْمُخَلَّقَةِ، وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَخَلَّقَ وَيَتَصَوَّرَ فِي أَحَدٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَلَقَةِ: هِيَ دَمٌ لَا يَسْتَبِينُ فِيهَا الْخَلْقُ، فَإِنْ كَانَتِ الْمُضْغَةُ غَيْرَ مُخَلَّقَةٍ، فَهَلْ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ، وَتَصِيرُ أَمُّ الْوَلَدِ بِهَا مُسْتَوْلِدَةً؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا التَّخْطِيطُ، وَلَكِنْ كَانَ خَفِيًّا لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا أَهْلُ الْخِبْرَةِ مِنَ النِّسَاءِ، فَشَهِدْنَ بِذَلِكَ، قُبِلَتْ شَهَادَتَيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ قَبْلَهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ خَلْقٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُهُ صَالِحٌ فِي الطِّفْلِ يَتَبَيَّنُ خَلْقُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015