وَقَدْ رَخَّصَ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِلْمَرْأَةِ فِي إِسْقَاطِ مَا فِي بَطْنِهَا مَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، وَجَعَلُوهُ كَالْعَزْلِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ وَلَدٌ انْعَقَدَ، وَرُبَّمَا تَصَوَّرَ وَفِي الْعَزْلِ لَمْ يُوجَدْ وَلَدٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا تَسَبَّبَ إِلَى مَنْعِ انْعِقَادِهِ، وَقَدْ لَا يَمْتَنِعُ انْعِقَادُهُ بِالْعَزْلِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَهُ، كَمَا قَالَ «النَّبِيُّ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ: قَالَ: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْزِلُوا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا» . وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ إِذَا صَارَ الْوَلَدُ عَلَقَةً، لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ إِسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدٌ انْعَقَدَ بِخِلَافِ النُّطْفَةِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ بَعْدُ، وَقَدْ لَا تَنْعَقِدُ وَلَدًا. وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ذِكْرُ الْعِظَامِ وَأَنَّهُ يَكُونُ عَظْمًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى حَالِهَا لَا تُغَيَّرُ، فَإِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعُونَ، صَارَتْ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً كَذَلِكَ، ثُمَّ عِظَامًا كَذَلِكَ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُسَوِّيَ خَلْقَهُ، بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا،» وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ، تَكُونُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً نُطْفَةً، ثُمَّ تَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَكُونُ عِظَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكْسُو اللَّهُ الْعِظَامَ لَحْمًا» . وَرِوَايَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُكْسَى اللَّحْمَ إِلَّا بَعْدَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015