الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ عَلَقَةً، ثُمَّ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ، مُضْغَةً ثُمَّ بَعْدَ الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا يَنْفُخُ الْمَلَكُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيَكْتُبُ لَهُ هَذِهِ الْأَرْبَعَ الْكَلِمَاتِ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ تَقَلُّبَ الْجَنِينِ فِي هَذِهِ الْأَطْوَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 5] (الْحَجِّ: 5) . وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَطْوَارَ الثَّلَاثَةَ: النُّطْفَةَ وَالْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَفِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ذَكَرَ زِيَادَةً عَلَيْهَا، فَقَالَ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ (12 - 14) {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ - ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ - ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14] . فَهَذِهِ سَبْعُ تَارَاتٍ ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِخَلْقِ ابْنِ آدَمَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: خُلِقَ ابْنُ آدَمَ مِنْ سَبْعٍ، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ. وَسُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ، فَهَلْ يُخْلَقُ أَحَدٌ حَتَّى تَجْرِيَ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَةُ؟ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ: وَهَلْ تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَمُرَّ عَلَى هَذَا الْخَلْقِ؟ . وَرُوِيَ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: جَلَسَ إِلَيَّ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَنَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَذَاكَرُوا الْعَزْلَ، فَقَالُوا لَا بَأْسَ بِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تَكُونُ مَوْءُودَةً حَتَّى تَمُرَّ عَلَى التَّارَاتِ السَّبْعِ: تَكُونُ سُلَالَةً مِنْ طِينٍ، ثُمَّ تَكُونُ نُطْفَةً، ثُمَّ تَكُونُ عَلَقَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُضْغَةً، ثُمَّ تَكُونُ عِظَامًا، ثُمَّ تَكُونُ لَحْمًا، ثُمَّ تَكُونُ خَلْقًا آخَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقْتَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015