ذَلِك الْمُقدر فِي ذهنه أَن يكون مَوْجُودا فِي الْخَارِج وَهُوَ لم يحكم على نَفْيه حَتَّى صَار مَوْجُودا فِي نَفسه وجودا تقديريا
فَإِذا كَانَ الْحبّ يتبع الإحساس والإحساس لَا يكون إِلَّا بموجود مَا فَإِن مَا يحب لَا يكون إِلَّا بموجود وَأَيْضًا فَإِن الإحساس لَا يكون أَولا إِلَّا لموجود فَكَذَلِك الْحبّ فِي نَفسه لَا يكون إِلَّا لموجود أَو مَحْبُوب وَإِن كَانَ يحب وجود الْمَعْدُوم فَهُوَ لاشيء وَمَا لَيْسَ بِشَيْء لَا يكون محبوبا وَإِن كَانَ يحب وجود الْمَعْدُوم ويريده فَلَا بُد أَن يكون قبل ذَلِك قد ذاقه والتذ بِهِ مَوْجُودا حَتَّى أحبه بعد ذَلِك أَو ذاق والتذ بنظيره أَو بِمَا يُشبههُ كَمَا ذَلِك فِي الْعلم وَهَذَا مَذْكُور فِي غير هَذَا الْموضع
وَلَا يرد على هَذَا مَا يُوجد من بكاء الصَّبِي حِين يُولد قبل أَن يَذُوق طعم اللَّبن فَإِذا ذاق اللَّبن التذ بِهِ وَسكن فَإِن الصَّبِي قبل ذوقه اللَّبن لم يكن يُحِبهُ ويشتهيه وَلَكِن يجد ألم الْجُوع فيبكي من ذَلِك الْأَلَم فَلَمَّا ذاق اللَّبن وَوجد لذته وَأَنه أذهب ألم الْجُوع أحبه من حِينَئِذٍ صَار يشتهيه وَيُحِبهُ وَهَكَذَا كل