فيجعلون الْعلم لَا يتَعَلَّق فِي الْحَقِيقَة إِلَّا بِمَعْلُوم متبوع كالموجود ويجعلون الْإِرَادَة لاتتعلق إِلَّا بِمُرَاد تَابع كالمفعول الْمَعْدُوم
وتنقسم إِلَى انفعاليه تَابعه للمراد المحبوب لَيست مُؤثرَة فِي وجوده أصلا بل يكون المحبوب المُرَاد مَوْجُودا بِدُونِ الْإِرَادَة وَإِنَّمَا يحب الْمُحب ذَلِك الْمَوْجُود ويريده وَيُقَال فِي كثير من أَنْوَاع ذَلِك يهواه ويعشقه وَنَحْو ذَلِك من الْعبارَات
وَهَذَا الْقسم فِي الْحَقِيقَة هُوَ الأَصْل فِي الْقسم الأول كَمَا قد تكلمنا عَلَيْهِ فِي بعض الْقَوَاعِد الْمُتَقَدّمَة من سِنِين وَذكرنَا أَن الْعلم والإرادة إِنَّمَا يتَعَلَّق أَولا بالموجود وَأَن تعلقه بالمعدوم تَابع لتَعَلُّقه بالموجود وَذكرنَا أَن الْإِنْسَان لَا يحب الشَّيْء ويريده حَتَّى يكون لَهُ بِهِ شُعُور أَو إحساس أَو معرفَة وَنَحْو ذَلِك وَيكون مَعَ ذَلِك بِنَفسِهِ إِلَيْهِ ميل وفيهَا لَهُ حب وكل وَاحِد من هَاتين الْفرْقَتَيْنِ فِي فطرته وجبلته الْمعرفَة والمحبة وَلِهَذَا كَانَ كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فطْرَة الْإِسْلَام وَهِي عبَادَة الله وَحده وأصل ذَلِك مَعْرفَته ومحبته وَالنَّفس لَا تحس الْعَدَم الْمَحْض وَإِنَّمَا تعرف الْعَدَم بِنَوْع من الْقيَاس الْمُقدر على الْوُجُود كَمَا يقدر فِي نَفسه جبل ياقوت وبحر زئبق فَنزل ذَلِك مِمَّا علمه من الْجَبَل وَمن الْيَاقُوت ثمَّ يَنْفِي