جامع الاصول (صفحة 9677)

نوع ثاني

نوع ثان

9447 - (خ م د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله -[752]- صلى الله عليه وسلم-: «لا تُسَمُّوا العِنَبَةَ الكَرْم، ولا تقولوا: خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فإنَّ الله هو الدَّهْر» أخرجه البخاري.

وفي رواية له ولمسلم قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «ويقولون: الكرم، إنما الكرم قلبُ المؤمن» .

وفي أخرى لمسلم: «لا تُسَمُّوا العنبَ الكَرْم، فإن الكرم المسلم» .

وفي أخرى لمسلم: «لا يقولنَّ أحدُكم للعنب الكرْم، إنما الكرمُ الرجلُ المسلم» .

وفي رواية أبي داود قال: «لا يقولَنَّ أحدُكم الكرم، فإنَّ الكرم: الرجلُ المسلم، ولكن قولوا: حدائقُ الأعناب» (?) .

S (لا تسمُّوا العِنْبَةَ الكرم) أراد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: أن يقرِّر ويشدِّد ما في قوله عزَّ وجلَّ: {إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13] بطريقة أنيقة ومَسلَكٍ لطيف، ورمز حلوب، فيصرُّ أن هذا النوع من غير الأناسي، المسمَّى بالاسم المشتق من الكرم: أنتم أحقاءُ بأن لا تؤهِّلوه لهذه التسمية، ولا تطلقوها -[753]- عليه، غَيرةً للمسلم التقيّ، وأنَفَةً أن يشارك فيما سماه الله به، واختصه بأن جعله صفةً له، فضلاً أن تسموا بالكَرْم من ليس بمسلم، وتعترفوا له بذلك، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرماً، ولكن الرمز إلى هذا المعنى، كأنه [يقول] : إن تأتَّى لكم أن لا تسمّوه - مثلاً - باسم الكرم، ولكن «بالحَبَلة» فافعلوا، وقوله: «فإنما الكرم قلب المؤمن والرجل المسلم» أي: فإنما المستحق للاسم المشتق من الكرم: المسلم، ونظيره في الأسلوب قوله: {صِبْغَةَ الله ومن أَحْسَنُ من الله صِبغَةً} وقيل: أراد نفي الاسم عنها، حتى لا يحملهم ذلك على تعظيمها، وأنها مشتقة من الكرم، وأن شاربها كريم، وأثبت الكرم لتاركها، تأكيداً لتحريمها.

قال الخطابي: وقوله: إن الكرم الرجل المسلم يريد: أنه الكريم، فوضع المصدر موضع الاسم، كقولهم: «رجل عَدْل» بمعنى عادل، فيكون الواحد والاثنان والجميع سواء، تقول: رجل كَرْمٌ، ورجلان كَرْم، وقوم كَرْم، ونساء كَرْم. وقال ابن الأنباري: سُمِّي الكَرْم كرماً، لأن المتَّخَذَةَ منه تحثُّ على السخاء والكرم، فاشتقوا لها اسماً من الكرم، ولذلك كره التسمية بهذا الاسم كما قلنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015