9445 - (م) عياض بن حمار المجاشعي - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم في خطبته: «ألا إِن رَبِّي أمَرَني أن أُعَلِّمَكم ما جَهِلْتُمْ مما علَّمني يومي هذا، كُلُّ مال نَحَلْتُه عبداً حلال، وإني خَلَقْتُ عِبَادِي -[749]- حُنَفَاءَ كلَّهم، وإنَّهم أتَتْهُمُ الشياطين فاجتالتَهمْ عن دِينهم، وحرّمت عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتْهُم أن يُشرِكوا بي ما لم أُنَزِّلْ به سُلطاناً، وإنَّ الله نظر إلى أهل الأرض، فمقَتَهم، عَرَبَهُم وعَجَمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بَعَثْتُكَ لأبْتَليَكَ وأبتَليَ بِكَ، وأنزلتُ عليكَ كتاباً لا يَغْسِله الماء، تقرؤه نائماً ويقظان، وإن الله أمرني أن أُحَرِّقَ قريشاً، فقلت: ربِّ إذاً يَثْلَغُوا رَأْسي، فَيَدَعُوهُ خُبْزَة، قال: اسْتَخْرِجهُم كما أخرجوك، واغْزُهم نُعِنْك (?) ، وأنفق فَسَنُنْفِق عليك، وابعث جَيشاً نبعثْ خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعَكَ من عصاك، قال: وأهلُ الجنة ثلاثة: ذو سلطانٍ مُقْسِط مُتَصَدِّق مُوَفَّق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قُربَى [و] مسلم، وعفيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عيال، وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زَبْرَ له، الذين هم فيكم تبعاً لا يَتبعون أهلاً ولا مالاً، والخائن الذي لا يَخْفَى له طمع وإن دَقَّ إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يُمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب، والشِّنْظِير: الفَحَّاش» .
زاد في رواية: «وإن الله أوحى إليَّ: أن تَواضَعُوا حتى لا يَفْخَرَ أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحد على أحد» . وقال في حديثه: «وهم فيكم تبعاً، لا يبغون أهلاً ولا مالاً، فقلت: فيكون ذلك يا أبا عبد الله؟ قال: نعم، والله لقد أدركتُهم في الجاهلية، وإن -[750]- الرجل ليرعَى على الحيِّ ما به إلا وليدَتهُم يَطَؤها» أخرجه مسلم (?) .
S (اجتالتهم الشياطين) أي: استخفَّتهم، فجالوا معهم، ويقال للقوم إذا تركوا القصد والهدى: اجتالتهم الشياطين، أي: جالوا معهم في الضلالة.
(أمرني أن أُحَرِّقَ قريشاً) كناية عن القتل، ومثله في ذكر قتال أهل الرِّدَّة، فلم يزل يحرّق أعضاءهم حتى أدخلهم من الباب الذي خرجوا منه، ومنه حديث المواقع في رمضان: «احترقتُ» أي: هلكت.
(الثَّلغ) الشَّدخ، وقيل: هو فَضْخُكَ الشيء الرطب بالشيء اليابس.
(لا زَبْرَ له) أي: لا عقل له، ولا تماسك، وهو في الأصل مصدر.
(الشِنْظير) من الأناسي: السيّء الخُلُق، و «الفحَّاش» : المبالغ في الفحش.