جامع الاصول (صفحة 8633)

8406 - (د) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قضى أنَّ كل مُسْتَلحَقٍ اسْتُلْحِقَ بعد أبيه الذي يُدْعَى له ادَّعاه ورثته، فقضى: أنَّ كل من كان من أمَةٍ يملكها يوم أصابها، فقد لَحِقَ بمن استلحقه، وليس له مما قُسِمَ قبله من الميراث شيء، وما أدرك من ميراث لم يُقْسَم فله نصيبُهُ، ولا يُلْحَق إذا كان أبوه الذي يُدعَى له أَنكره، فإن كان من أمةٍ لم يملكْها، أو من حُرَّةٍ عاهَر بها، فإنه لا يُلْحَق به، ولا يرث، وإن كان الذي يُدْعَى له هو ادَّعاه، فهو ولد زِنْيَة، من حُرَّةٍ كان أو أمة.

وفي رواية بإسناده ومعناه، وزاد «وهو ولد زناً لأهل أمِّه مَن كانوا، -[742]- حُرَّة أو أَمة، وذلك فيما استُلْحقَ في أولِ الإسلام، فما اقْتُسِمَ من مال قبل الإسلام فقد مضى» أخرجه أبو داود (?) .

S (مستلحق) [استلحق بعد أبيه] قال الخطابي: هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة وكان حدوثُها ما بين الجاهلية وبين قيام الإسلام، وفي ظاهر لفظ الحديث تعقُّد وإشكال، وتحريره وبيانه: أن أهل الجاهلية كانت لهم إماء تساعين، وهُنَّ البغايا اللاتي ذكرهن الله في كتابه، فقال: {ولا تُكْرِهُوا فتَياتِكم على البغاء} [النور: 33] وكان سادتُهنَّ يُلِمُّون بهنَّ، ولا يجتنبوهن (?) ، فإذا جاءت واحدة منهن بولدٍ - وكان سيدُّها قد وطئها، ووطئها غيره بالزنا - ربما ادَّعاه الزَّاني، وادَّعاه السيِّد، فحكم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بالولد لسيِّدها، لأن الأمَةَ فِرَاشٌ له كالحرة، ونفاه عن الزاني، فإن دُعي للزاني مُدَّةً، وبقي على ذلك إلى أن مات السيد، ولم يكن ادَّعاه في حياته، ولا أنكره ثم ادَّعاه ورثتهُ بعد موته، واستلحقوه، فإنه يُلحق به، ولا يرث أباه، ولا يشارك إخوته الذين استلحقوه في ميراثهم من أبيهم، إذا كانت القسمة قد مَضَتْ قبل أن يستلحقه الورثة، وجعل حكم ذلك حكم ما مضى في الجاهلية، فعفا عنه، ولم يردَّ إلى حكم الإسلام، فإن أدرك ميراثاً لم يقسم إلى أن يثبت -[743]- نسبه باستلحاق الورثة إياه، كان شريكهم فيه أسوة من يساويه في النسب منهم، فإن مات من إخوته بعد ذلك أحدٌ، ولم يخلّف من يحجبه عن الميراث، ورثه، فإن كان سيِّد الأمَةِ أنكر الحملَ، ولم يَدِّعِه، فإنه لا يلحق به، وليس لورثته أن يستلحقوه بعد موته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015