جامع الاصول (صفحة 8587)

الكتاب الثاني: في اللقطة

8360 - (خ م ط د ت) يزيد مولى المنبعث أنه سمع زيدَ بنَ خالد يقول: «سُئِل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عن اللقطة: الذَهبِ أو الوَرِقِ؟ فقال: اعرِفْ وكاءها وعِفاصها، ثم عرِّفها سنة، فإن لم تَعْرِفْ، فاستنْفِقْها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبُها يوماً من الدهر، فأدِّها إليه، وسأله عن ضالة الإبل؟ فقال: ما لَكَ وما لها؟ دَعْها، فإن معها حِذَاءها وسقاءها، تَرِدُ الماء وتأكلُ الشجر، حتى يَجِدَها ربُّها، وسأله عن الشاة؟ فقال: خُذْها، فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب» .

وفي رواية - بعد قوله في اللقطة: «وكانت وديعةً عنده» قال يحيى بن سعيد: فهذا الذي لا أدري: أفي حديث رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- أم شيء من عنده؟ وفيه - بعد قوله في الغنم: «لك أو لأخيك أو للذئب» - قال يزيد: وهي تُعَرّف أيضاً؟ .

وفي أخرى في اللقطة: «فإن جاء صاحبُها، وإلا فَشأْنَكَ بها» .

وفي أخرى: «وإلا فاستَنْفِق بها» . -[700]-

وفي أخرى قال: «فضالة الإبل؟ قال: فغضب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حتى احمرَّتْ وجْنَتَاهُ - أو احمرَّ وجهه - ثم قال: ما لَكَ ولها؟» .

وفي أخرى: «فإن جاءَ صاحبُها فعرَّف عِفاصَها وعَدَدها ووِكاءَها، فأعطِها إياه، وإلا فهي لك» لم يذكر سفيان عن ربيعة «العدد» .

وفي رواية قال: سُئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عن اللقطة؟ فقال: «عَرّفْها سنة، فإن لم تُعْتَرَف، فاعْرِف عِفَاصها ووكاءها، ثم كُلْها، فإن جاءَ صاحبُها فأدِّها إليه» .

وفي أخرى: فإن اعتُرِفتْ فأدِّها، وإلا فعرِّف عِفَاصَها ووعاءها وعددها» .

أخرجه البخاري ومسلم، إلا الروايتين الأخيرتين، فإن مسلماً انفرد بهما.

وفي رواية الموطأ قال: «جاء رجل إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة؟ فقال: «اعرِف عِفَاصها ووِكاءها، ثم عَرِّفها سَنَة، فإن جاءَ صاحبُها، وإلا فشأنَك بها، فقال: فضالةَ الغنم، يا رسولَ الله؟ قال: لَكَ، أو لأخيك أو للذئب، قال: فضالَّة الإبل؟ قال: ما لَكَ ولها؟ معها سقاؤها وحِذَاؤُها، تَرِدُ الماء، وتأكلُ الشجر، حتى يلقاها رَبُّهَا» .

وفي رواية الترمذي وأبي «أنَّ رجلاً سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- عن اللقطة فقال: عَرِّفْها سَنَة، ثم اعرِف وكاءها وعِفَاصَهَا - وفي أخرى، وعاءها -[701]- وعفاصها - ثم استَنْفِقْ بها، فإن جاء ربُّها فأدِّها إليه، فقال: يا رسولَ الله، فضالَّةُ الغنم؟ فقال: خُذها، فإنما هِيَ لك، أو لأخيك، أو للذئب، قال: يا رسولَ الله، فضالَّةُ الإبل؟ فغضب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- حتى احمرتْ وجنتاهُ أو احمر وجهه - وقال مالك ولها؟ معها حِذاؤها وسِقاؤُها، حتى يأتيها ربُّها» .

وفي أخرى لأبي داود - بعد قوله «سِقاؤها» - «تَرِد الماءَ، وتأكلُ الشجرَ» ولم يقل في ضالة الغنم: «خذها» وقال في اللقطة: «عرِّفْها سنَة، فإن جاء صاحبُها، وإلا فشأنَك بها» ولم يذكر «استنْفِق» .

وله أيضاً في روايات أخرى نحو ما سبق في روايات البخاري ومسلم؛ وله في أخرى بمعناه، وفيه «فإن جاء باغِيها فعرَّف عِفَاصها وعَددَهَا فادْفعها إليه» .

قال أبو داود: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- مثله، ولم يذكر لفظه.

وله في أخرى عن زيد بن خالد قال: «سُئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- عن اللقطة قال: تُعرِّفها حولاً، فإن جاء صاحبُها دفعتَها إليه، وإلا عَرَّفتَ وِكاءها وعِفَاصها، ثم أفِضْها في مالك، فإن جاء صاحبُها دفعتَها إليه» (?) . -[702]-

S (عفاصها ووكاءها) العفاص: الوعاء الذي تكون فيه النفقة، جلداً كان أو خِرْقة أو غير ذلك، والوكاء: الخيط الذي يُشَدُّ به رأسُ الكيس والجراب والقربة ونحو ذلك، والمراد: أنَّ ذلك يكونُ علامةً لما التقطه، فمن جاء يتعرَّفُها أو يطلبها بتلك الصفة دُفِعت إليه.

(فضالة الغنم) الضالة: الضائعة عن صاحبها، وإنما رُخِّص في ضالَّة الغنم لأنها إن لم تُؤخَذْ أكلها الذئب، فلذلك قال: «هي لك، أو لأخيك» يعني: رجلاً آخر يراها، فيأخذها «أو للذئب» يأكلها إذا تركت.

(فضالة الإبل) إنما شدد في ضالة الإبل بقوله: «معها حذاؤها» وهو ما تطأ به الأرض من خُفِّها، لأنه أراد: أنها تقوى به على قطع الأرض، وقوله: «سقاؤها» أراد: أنها تقوى على ورود المياه، ورَعْي الشجر، والامتناعِ من السباع المفترسة، وكذا ما كان في معنى الإبل من البقر والخيل والحمير. -[703]-

(فاستَنْفِقْها) أي: أنْفِقْها وصَرِّفْها إذا شاع خبرها بين الناس وانتشر أمرها.

(أفِضْها في مالك) أي: اخلطها فيه، وألقها في جملته، من قولك: فاض الحديث: إذا اختلط وانتشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015