جامع الاصول (صفحة 745)

535 - (خ) سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: قال رجلٌ لابن عبَّاسٍ: إني أجدُ في القرآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قال: ما هُوَ؟ (?) قال: {فلا أَنْسَابَ بينهم يومئذٍ ولا يتَساءَلُونَ} [المؤمنون: 101] ، وقال: {وأَقْبَلَ بعضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يتساءَلُونَ} [الصافات: 27] ، وقال: {ولا يَكْتُمونَ اللَّهَ حديثاً} [النساء: 42] ، وقال: {واللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكين} [الأنعام: 23] ، وقد كتموا في هذه الآية، -[64]- وفي [النازعات: 27] {أَم السماءُ بناها. رفعَ سمْكها فسوَّاها. وأَغْطش ليلها وأَخرج ضُحاها. والأرضَ بعد ذلك دَحَاها} فذكر خلقَ السماء قبلَ خلقِ الأرضِ، ثم قال: {أَئِنَّكم لتكْفُرون بالذي خلق الأرضَ في يومين - إلى - طائعينَ} [فصلت: 9 - 11] فذكر في هذه خلْقَ الأَرض قبلَ خلقِ السَّماءِ، وقال: {وكان اللَّهُ غفوراً رحيماً} [الأحزاب: 50] وقال: {وكان اللَّهُ عزيزاً حكيماً} [الفتح: 19] وقال: {وكان اللَّهُ سميعاً بصيراً} [النساء: 134] فكأنه كان، ثمَّ مضى، قال ابن عباس: {فَلا أَنساب بينهم} في النفخة الأولى، يُنفخ في الصور، فيصعقُ منْ في السموات ومَن في الأرضِ إلا من شاء اللهُ، فلا أَنسابَ بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون، ثم في النَّفخَةِ الآخرةِ: أقبلَ بعضُهم على بعض يتساءلون، وأما قوله: {واللَّهِ ربِّنا ما كنَّا مُشْركين} {ولا يكْتُمونَ اللَّهَ حديثاً} ، فإنَّ الله يغفرُ لأهل الإخلاص ذنوبَهُمْ، فيقولُ المُشْركُ: تعالَوْا نقولُ: ما كُنَّا مُشركين، فيخْتِمُ اللَّهُ على أفواهِهِمْ، فتَنطِقُ جوارِحُهُمْ بأعمالهم، فعند ذلك عُرفَ أنَّ الله لا يُكْتُمُ حديثاً، وعندهُ: {رُبَما يوَدُّ الذينَ كفرُوا لَوْ كانوا مُسلمين} وخلق الأرضَ في يومين، ثُمَّ استوى إلى السماء، فسواهن سبع سمواتٍ في يومين آخرين، ثم دحى الأرض، أي: بسَطها، وأخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والأشجارَ، والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله: {والأرض بعدَ ذلكَ دَحَاها} [النازعات: 30] فخُلِقت الأرضُ وما فيها من شيءٍ في -[65]- أربعةِ أيامٍ، وخُلِقَتِ السَّمواتُ فِي يومَيْنِ، وقولُه: {وكانَ اللَّهُ غفُوراً رحيماً} سمَّى نفسهُ ذلك، أي: لم يزلْ، ولا يزالُ كذلكَ، وإن الله لم يُرِدْ شيئاً إلا أصابَ بهِ الذي أرادَ. وَيْحَكَ، فلا يختلفْ عليك القرآنُ، فإنَّ كُلاً من عند الله. أخرجه البخاري (?) .

S (دحاها) دحا الأرض: بسطها.

(فصعق) صعق الإنسان: إذا غشي عليه. وإذا مات.

(الآكام) : جمع أكمة، وهي الروابي الصغار.

(جوارحهم) الجوارح: جمع جارحة، وهي الأعضاء، كاليد والرجل ونحو ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015