جامع الاصول (صفحة 6880)

6654 - (م) عبد الرحمن بن شماسة المهدي - رحمه الله -: قال: «حضرنا عمرو بن العاص [وهو] في سِياقِ الموت، فبكى طويلاً، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنُه يقول: ما يبكيك يا أبتاه؟ أمَا بشَّرَك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بكذا وكذا؟ فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضلَ ما نُعِدُّ: شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، إني كنتُ على أطْباق ثلاث: لقد رأيتُني وما أحد أشدَّ بُغْضاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- مني، ولا أحبّ إليَّ أن أكونَ قد استمكنتُ منه فقتلتُه، فلو مِتُّ على تلك الحال لكنتُ من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيتُ النبيَّ، فقلتُ: ابْسُطْ يمينك -[105]- فَلأبايعْك، فبسطَ يمينه، قال: فقبضتُ يدي، فقال: مالك يا عمرو؟ [قال] : قلتُ: أردتُ أن أشْتَرِطَ، فقال: تشترطُ ماذا؟ قلتُ: أن يُغْفَر لي، قال: أما علمتَ أن الإسلامَ يهدِم ما كان قبله، وأن الهجرةَ تهدِم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ وما كان أحد أحبّ إليّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ولا أحْلَى (?) في عيني منه، وما كنت أُطِيقُ أن أمْلأ عينيَّ منه إجلالاً [له] ، ولو قيل لي: صِفْهُ لما استطعتُ أن أصِفَه، لأني لم أكن أمْلأ عيني منه، ولو متُّ على تلك الحال لرجوتُ أن أكون من أهل الجنة، ثم وَلِينا أشياءَ، ما أدري ما حالي فيها؟ فإذا أنا مِتُّ فلا تَصْحَبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فسُنّوا عليَّ التراب سَنّاً (?) ، ثم أقيموا حولَ قبري قدرَ ما تُنحر جزور ويُقسم لحمها، حتى استأنس بكم، وأنظر ماذا أراجعُ به رُسُل ربي؟» أخرجه مسلم (?) .

S (سياق الموت) : وقت حضور الأجل، كأنَّ روحه تُساق لتخرج من جسده. -[106]-

(أطباق) جمع طبَق، وهو الحالة.

(تجبُّ) التوبة تجبّ ما قبلها: أي تقطع وتمحو الذنوب فلا يؤاخَذ بها.

(فَسُنُّوا) سننت التراب على الميت: إذا رميتَهُ فوقه برفقٍ ولطفٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015