2864 - (خ م د س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال ثابت: سئل أَنس عن خضاب النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: «لو شئتُ أن أَعُدَّ شَمطَاتٍ كُنّ في رأسه فعلتُ، قال: ولم يختضب» .
زاد في رواية: «وقد اختضب أَبو بكر بالحناء والكَتَم، واختضب عمر بالحناء بَحْتا» . أَخرجه البخاري، ومسلم.
واختصره أَبو داود، قال: سئل أنس عن خضاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ «فذكر أنه لم يَخضب، ولكن قد خضب أَبو بكر وعمر» .
وفي رواية للبخاري عن قتادة، قال: «سألتُ أَنساً: هل خضب النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لا، إِنما كان شيء في صُدْغيه» .
وفي أخرى لهما، عن ابن سيرين، قال: «سألت أنساً: أَخضب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: لم يبلغ من الشيب إِلا قليلاً» .
زاد في رواية عنه: «وقد خضب أبو بكرٍ، وعمرُ بالحناء والكتم» .
وفي أخرى لمسلم عن قتادة عن أنس قال: يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأْسه ولحيته، قال: «ولم يختضبْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، إِنما كان البياض في عَنْفَقَتِه، وفي الصُّدغين، وفي الرأس نَبْذٌ» . -[738]-
وله في أخرى: «أَنه سئل عن شيب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: ما شَانَهُ اللهُ ببيضاءَ» .
وأَخرجه النسائي، قال: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- يخضِب، إنما كان الشّمَط عند العَنفقة يسيراً، وفي الصُّدغين يسيراً، وفي الرأس يسيراً» (?) .
S (شمطات) : الشمط: الشيب، والشمطات، الشعرات البيض التي كانت في شعره.
(بحتاً) : البحت الخالص الذي لا يخالطه شيء.
(نَبْذ) : قال الجوهري: يقال بأرض كذا نَبْذ من مال: ومن كلاء، وفي رأسه نَبْذ من شيب، وأصاب الأرض نَبْذ من مطر، أي: شيء يسير.
(ما شانه الله ببيضاء) : الشين العيب، فكأنه قد جعل الشيب في هذا الحديث عيباً، وليس بعيب، فإنه قد جاء في الحديث الآخر «أنه وقار، وأنه نور» والشيب ممدوح، وذلك عجب منه، لاسيما في حق النبي - صلى الله عليه وسلم-، ويمكن أن يخرج وجهه، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم- لما رأى أبا قحافة ورأسه -[739]- كالثغامة، فأمرهم بتغييره وكرهه، ولذلك قال: «غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود» ، وقال في أخرى: «بالمجوس» وما ذلك إلا لأنه كرهه، ولما علم أنس ذلك من عادته، قال: «ما شانه الله ببيضاء» بناء على هذا القول، وحملاً له على هذا الرأي، ولعل أحد الحديثين ناسخ للآخر، فيحمل القول على كراهية الشيب إن كان ناسخاً، وعلى الآخر قبل النسخ إن كان ناسخاً (?) والله أعلم.