بين أهل عمارة موحشين وأهل محلة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران ولا يتواصلون تواصل الجيران على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكله البلى وأكلتهم الجنادل والثرى فأصبحوا بعد الحياة أمواتا وبعد غضادة العيش رفاتا فجمع بهم الأصباب وسكنوا التراب وطعنوا فليس لهم إياب هيهات هيهات كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون وكان قد صرتم إلى ما صاروا إليه من الوحدة والبلى فى دار الموتى وارتهنتم فى ذلك المضجع وضمكم ذلك المستودع فكيف بكم لو قد تناهت الأمور وبعثرت القبور وحصل ما فى الصدور وأوقفتم لتحصيل بين يدى ملك الجليل فطارت القلوب لإشفاقها من سالف الذنوب وهتكت عنكم الحجب والأستار وظهرت منكم العيوب والأسرار وهناك تجزى كل نفس بما كسبت ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة