شاطح بالخيال، داع إلى عبادة الجمال، يظهر الحزن والتأوه تلك الساعة، ليروّج على السفهاء فاسد البضاعة، وتصاحبه آلات لها طنين ورنين، تُستخف بها عقول الفاسقين، وكل ذلك خيال كالأحلام إن كنت تعقلين.
إذا سكت المغني من أصواته، وسكتت آلاته، فالسامع من رأى حلماً في نومه ثم أفاق من سباته، لا شيء بين يديه إلا التخيل والأماني الباطلة، مع زيادة ظلمة الران على قلبه والكدر على روحه العاطلة.
إن وظيفة المغني صرف قلبك عما خلق له من محبة المعبود، وهو يعلم أنه لا يحصل له ذلك إلا بالتخييل بلا حدود، هو يصور الرجل للمرأة بأنه غاية الأماني والمراد ويصور المرأة للرجل مثل ذلك ليستحكم الفساد.
ما يزال في ذكر الحب والحبيب، والعشق والتشبيب وكأن الله أودع المحبة قلوب عبيده وإمائه ليتعلق بعضهم ببعض، ومن أجل ذلك خلق الله السموات والأرض.