الجارية بالصورة رفعتها إلى حائط حجرتها وما زالت كل يوم تأتي الصورة وتقبلها وتلثم ما تحب منها ثم تجلس بين يديها وتبكي فإذا امست فما زالت على تلك الحال شهراً فمرض الغلام ومات فعملت الجارية مأتماً وعزاء سار ذكره في الآفاق وصارت مثلاً بين الناس ثم رجعت إلى الصورة وصارت تلثمها وتقبلها إلى أن أمست فماتت إلى جانبها فلما أصبحنا دخلنا عليها لنأخذ من خاطرها فوجدناها ميتة ويدها ممدودة إلى الحائط نحو الصورة وقد كتب عليه هذه الأبيات:

يا موتُ حسبك نفسي بعد سيّدها ... خذها إليك فقد أودت بما فيها

أسلمت وجهي إلى الرحمن مسلمةً ... ومتُّ حبيبٍ كان يعصيها

لعلّها في جنان الخلد يجمعها ... بمن تحبُّ غداً في البعث باريها

مات الحبيب وماتت بعده كمداً ... محبّةٌ لم تزل تُشقي محبّيها

قال الراهب فشاع الخبر وحملها المسلمون ودفنت إلى جانب قبر الغلام فلما أصبحنا دخلنا حجرتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015