رأيت في كلام المتأخرين من الحث على الإخلاص في العمل أي عمل ويستدلون بمثل قوله تعالى: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (?) وقد قال الفضيل بن عياض رحمه الله على هذه الآية: أخلصه وأصوبه.
فقيل: يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل وإذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً. والخالص: أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة. انتهى.
فانظر كيف يُقيّد العلماء العمل الخالص بأن يكون صوابا. والصواب هو أن يكون على السنة بخلاف من يستدل بهذه الآية ونحوها على أي عمل بل وعلى أعمال مخالفة للسنة ويوهمون أن هذا هو المراد. ومثله الإستدلال بحديث: من غشنا فليس منا" (?). يُستدل به على أمور هي في نفسها غش. فيوهم استدلالهم بذلك أن الآفة منحصرة في هذا وهو من باب قول القائل: النظر إلى وجه الأجنبية حرام. يقول لها ذلك لتغطي وجهها وهو يزني بها. وهذا من جنس الورع الشيطاني.