الْعَصَا وَأَقْبَلت حَتَّى علت بهَا رَأسه فَقَالَ وَيلك وَمَا دهاك قَالَت أَيْن الْمَرْأَة الَّتِى رَأَيْتُك مَعهَا معانقا لَهَا فَقَالَ وَالله مَا كَانَت عندى امْرَأَة قَالَت بل أَنا نظرت إِلَيْهَا بعينى وَأَنا على المَاء فتحالفا فَلَمَّا أكثرت قَالَ إِن تكونى صَادِقَة فَإِن ماءكم هَذَا مَاء عنَاق فَصَارَ مثلا يضْرب فى الدواهى
925 - (مَاء الْوَجْه) الْعَرَب تستعير فى كَلَامهَا المَاء لكل مَا يحسن موقعه ومنظره ويعظم قدره وَمحله فَتَقول مَاء الْوَجْه وَمَاء الشَّبَاب وَمَاء السَّيْف وَمَاء الحيا وَمَاء النَّعيم كَمَا تستعير الاستقاء فى طلب خبر قَالَ عَلْقَمَة بن عَبدة
(وفى كل حى قد خبطت بِنِعْمَة ... فَحق لشأس من نداك ذنُوب)
وَقَالَ رؤبة
(يأيها الماتح دلوى دونكا ... إنى رَأَيْت النَّاس يحمدونكا)
وهما لم يستقيا مَاء وَإِنَّمَا طلب أَحدهمَا مَاء وَكَانَ الآخر أَسِيرًا وَكَذَلِكَ سموا السَّائِل والمجتدى مستميحا وَإِنَّمَا الميح جمع المَاء فى الدَّلْو وَغَايَة دُعَائِهِمْ للمرجو والمشكور أَن يَقُولُوا سقاك الله فَإِذا تَذكرُوا أَيَّامًا طابت لَهُم قَالُوا سقى الله تِلْكَ الْأَيَّام وَرُبمَا دعوا لديار المحبوب بالسقيا كَمَا قَالَ طرفَة
(فسقى دِيَارك غير مفسدها ... صوب الرّبيع وديمة تهمى)
فَأَما قَوْلهم مَاء الْوَجْه فَهُوَ عبارَة عَن الْحيَاء الذى هُوَ أفضل من المَاء وَقد أحسن أَبُو تَمام فى قَوْله لأبى سعيد الطائى
(رددت رونق وجهى فى صَحِيفَته ... رد الصقال بِمَاء الصارم الخذم)
(وَمَا أبالى وَخير القَوْل أصدقه ... حقنت لى مَاء وجهى أم حقنت دمى)