(وكلت بالدهر عينا غير غافلة ... بجود كفك تأسو كل مَا جرحا)
279 - (بلاغة جَعْفَر) كَانَ يُقَال مَا رأى النَّاس مثل ابنى يحيى الْفضل فى سماحته وجعفر فى بلاغته
قَالَ الجاحظ قَالَ ثُمَامَة كَانَ جَعْفَر أبلغ النَّاس لِسَانا وبيانا قد جمع الهدوء والجزالة والحلاوة إِلَى إفهام يغنى عَن الْإِعَادَة وَلَو كَانَ فى الأَرْض نَاطِق يسْتَغْنى عَن الْإِشَارَة لاستغنى جَعْفَر عَنْهَا كَمَا اسْتغنى عَن الْإِعَادَة وَمَا رَأَيْت أحدا لَا يتحبس وَلَا يتَوَقَّف وَلَا يتلجلج وَلَا يرقب لفظا قد استدعاه من بعده وَلَا يلْتَمس التَّخَلُّص إِلَى معنى قد تعاصى عَلَيْهِ بعد طلبه إِيَّاه إِلَّا جَعْفَر بن يحيى
280 - (عَام ابْن عمار) هَذَا أَحْمد بن عمار بن شاذى الساكنى البصرى وَزِير المعتصم كَانَ من عَلَيْهِ النَّاس فَلَمَّا عَزله المعتصم عَن وزارته أَمر بِأَن يُولى الأزمة على الدَّوَاوِين فاستعفى وَقَالَ إنى نَوَيْت أَن أجاور مَكَّة سنة فوصله المعتصم بِعشْرَة آلَاف دِينَار وَدفع إِلَيْهِ عشْرين ألف دِينَار ليفرقها بالحرمين على من يرى تفريقها عَلَيْهِم وَلَا يعْطى إِلَّا هاشميا أَو قرشيا أَو أَنْصَارِيًّا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رُبمَا كَانَ من غَيرهم من لَهُم التَّقَدُّم فى الزّهْد وَالْعلم فَإِن منعته استذممت عَلَيْهِ فَقَالَ هَذِه خَمْسَة آلف دِينَار لهَؤُلَاء الَّذين ذكرتهم فحج ابْن عمار وَفرق المَال كُله مَعَ الْعشْرَة آلَاف الَّتِى لَهُ وجاور سنة ثمَّ انْصَرف فَكَانَ النَّاس يضْربُونَ بِهِ الْمثل وَيَقُولُونَ مَا رَأينَا مثل عَام ابْن عمار